آخر الأخبار
الحل الأجدى لدينا قبل أن يكون لديهم: تحالف متحدون يطرح مقاربة مختلفة لوقف الحرب للمناقشة
في خضم الحرب الدائرة وردتنا رسائل وتساؤلات من مواطنين لبنانيين بشأن "معضلة الشيعة في لبنان"، جلّهم اتخذوا من مواطن الاغتراب مقرّاً لهم، تسأل أنه وبعد أن قام "العدو الإسرائيلي" بمحاسبة مسؤولي "حزب الله"، وكالعادة، ألا ينبغي أن يؤدي السجال حول تمنّي كثير من اللبنانيين على دول العالم وفي مقدّمتها الولايات المتحدة الأميركية ودول أوروبا إلى محاسبة بقية سياسيي لبنان، ومنهم برّي وميقاتي وسواهم، بسبب فسادهم البالغ وإجرامهم الموصوف بحق الشعب اللبناني؟
في محاولتنا الإجابة عليها، يستوقفنا هنا أمر يطرحه العقل والمنطق: أليس الشعب في أي دولة في العالم هو المسؤول الأول عن محاسبة حكامه، باعتبار الأمر شأناً داخلياً قبل أن يكون شأناً خارجياً؟ وفي هذه الحالة، أليس الأولى السائد أن تبني الدول تعاملاتها مع دولة ما على أساس خيارات شعبها بالدرجة الأولى، مهما شاب هذه الخيارات من خلل في التمثيل طالما ارتضى المواطنون الاحتكام في النهاية إلى "صندوق الاقتراع"؟
حتى في الدول الصغيرة كلبنان والتي تتأثر دوماً بسياسات الدول الكبيرة، ألا تبقى خيارات الشعب هي المنطلق في التعامل مع تلك الدول؟
قبل أن نجيب بـ "نعم، وألف نعم"، تابعنا التعليقات بشأن ما يخصّ "حقوق المواطنين اللبنانيين" و"حقوق المودعين في مصارف لبنان" وسواها على ما صدر على لسان المتحدّثين باسم الدولة العبرية وأبرزهم رئيس الوزراء الإسرائيلي بهذا الخصوص، ومنها تعليق لمواطن لبناني "شيعي" رداً على دعوة لبنانيين للتخلص من "نبيه برّي" جاء فيه:
صحيح أنا شيعي، بس ما بعمري كنت منتمي لحزب من الأحزاب. نعم عندي أفكاري وقناعاتي. أنا عم بضحك على اللي عم يستنجد بفرنسا وبلدان الغرب لتغيير النظام أو الطبقة الحاكمة... روحوا على الانتخابات وغيّروا إذا بدكم تغيروا.
إعادة تكوين السلطة. سلطة جديدة تمثّل المواطنين والمودعين بحق، في لبنان والمغترب. هذا حتماً ما يحتاجه لبنان واللبنانيون الآن وقبل أي شيء آخر رغم ضراوة الحرب، خارطة طريق قريبة على الأقل، بعيداً عن ادعاءات وفلسفات الانتظار التي لا تسمن ولا تغني من جوع، والتي ما تلبث أن تستحيل أقنعة نلبسها للتهرب من المسؤولية. فإن لم يكن الآن فمتى؟ حتى نُباد ويقتل آخرنا عن بكرة أبيه ويُدمّر بلدنا بالكامل؟؟ ألم يكفنا ما حلّ بنا وبـ "مقاومة" كان يمكنها أن تكون قوة ونعمة للبنان، كما في أي بلد آخر، لكن القيّمين عليها تمادوا في اختيارهم أن تكون نقمة ولعنة عليه كرمى لصفقات ما وراء الحدود؟
وهنا نسأل طارحين مقاربة مختلفة لمشكلة الحرب للمناقشة:
أين الأولوية الآن؟ أليست في وقف آلة القتل والدمار الهائل ووقف فظائع الانقسام وآثار صدمات الحرب بحق أطفال لبنان بالحد الأدنى وقبل أي شيء؟
ألا نشعر بالهوان البالغ وشدّة المذلة عندما يُنهب المواطنون والمودعون ويسرقوا ويشرّدوا بأيدي حكامنا ليأتي "العدو" ويحاضر أمامنا بذلك؟ ماذا بعد؟!
السؤال الأهم: في ظل سلطة فاسدة مجرمة مستبدّة لا تمثّل شعبها وحرب ضروس دائرة، كيف السبيل للتحرك؟ كيف نستطيع أن نجد مساحة يمكنها التوفيق بين ضرورة وقف الحرب الآن ودون أي إبطاء إضافي، بوجود سلطة فاقدة للشرعية لا تمثّل شعبها، وبين إعادة تشكيل السلطة الملحّ؟
ما هو الطريق الأقصر والأفعل لتحقيق ذلك، سوى التصدّي بشكل مباشر للأمر، دون الاعتداد بترّهات التخوين والاتهام بالعمالة المردودة أساساً على مدّعيها؟ مع فقدان أي سلطة شرعيّة تمثّلنا وبعد أن اخترنا أن نسلّم أمرنا إلى دول أصبحت حياتنا ألعوبة في أيديها، ووطننا ينُحر ويُستباح ويُباد شعبنا، ماذا بقي أمامنا غير أن نخاطب العالم ومعه الإسرائيلي مباشرة وبثقة بما يحقّق مصلحتنا؟
أليس الأجدى أن نستمع إلى كلام "العدو" كما هو، ثم نناقشه ونستخلص منه الجزء الذي نرى في صدق أعماقنا بأنه يخدم مصلحة لبنان وشعبه، بعيداً عن الجهة التي صدر عنها في الشكل، فنحن أهل البلد وأهل البيت اللبناني، عسى أن نجد فيه باباً للعبور إلى تحقيق مصلحتنا بالدرجة الأولى؟ رب قائل بأن العدو لا يؤتمن وسوى ذلك. ونقول: ثقتنا بأنفسنا كبيرة ولسنا ممن يتبعون أو يُؤمرون، فإن حاولنا ونجحنا فالحمد لله، وإن لم نفلح فلنا شرف المحاولة بدلاً عن الاكتفاء بالتفرّج على حياتنا تُستباح بهذا الشكل، بعد أن سلّم الخونة الفاسدون أمور بلدنا إلى دول أخرى للتفاوض باسمنا على دمائنا وأرزاقنا؟
أم علينا الرضوخ لأن نبقى رهينة لجلادينا ولمحركّيهم، وليس لنا إلا الموت والمهانة والتشرد والمذلة والدمار والخراب مستحقّين لغضب الله علينا؟؟
أم كيف نفسّر رفضنا لمبدأ الحوار حتى مع "العدو"، أحد قيمنا الأخلاقية والشرعية والإنسانية، فكيف إذا كان بهدف درء الأخطار المميتة والخراب والظلم عنا بعد أن سُدّت جميع السبل بوجهنا ولم يحسن من تولّوا أمورنا إدارة شؤوننا؟؟
من يثق بنفسه وبفكره وصدقه وقيمه ومبادئه لا يخاف ولا تأخذه في الله والحق والحقيقة لومة لائم، ولا يضرّنه حتى لو خاطب العدو وفق هذا لإنقاذ شعبه وبلده.
يبقى الأهم أيضاً ولو من باب الفكر، وهو أننا جميعاً حفدة إبراهيم مؤمنين بإله واحد دعوته هي السلام أساساً، فهل نختار أن نكون مؤمنين بحق ودعاة سلام "حقيقي" وليس فقط "سياسي"، أم أن نكون دعاة صراعات وحروب وأحقاد وفتن وقتل ودمار؟
معا نستطيع، متحدون لأجل لبنان، وطن الإنسان، الوطن الرسالة، لأجل لبنان فقط.
الأكثر قراءة