فساد النظام القضائي
تحالف متحدون:
ننعى "القضاء اللبناني" بعد سقوطه المدوّي بتجاوزات قضاته المعيبة ونعلن مقاطعتهم بعد استنفاد كل فرصة لتطبيق العدالة
عندما يتكرّس أي قضاء في العالم أداة لتثبيت الظلم وضرب العدالة – علّة وجوده الأساسية والغاية من كل التشريعات – عندئذ يسقط هذا القضاء ويتحوّل قضاته بأفعالهم إلى "خارجين على القانون" بدلاً من قيّمين على تطبيقه.
عندما يصبح عنوان أي قضاء "كم هو سعر القاضي؟" على الألسنة، يمسي هذا القضاء أساساً لغياب المحاسبة وتفشّي الفساد وإزهاق الحقوق ونحر مبدأ المساواة بين المواطنين وتدمير مؤسسات الدولة، فتنهار هيبتها وأبنائها في أصقاع الأرض ويوصمون وبلدهم بالعار.
عندما يتفشّى الفساد في القضاء ينقسم المواطنون بين من هم "فوق القانون" ومن هم "تحت القانون" ويُفقد العدل ويتلاشى الأمان وتسود أشكال الظلم وتسقط القيم والكرامات وينهار المجتمع، ويتحوّل كل "مواطن صالح" إلى لاجئ وذليل وغريب في وطنه.
عندما تسقط رسالة المحاماة – حق وعدل – ولا يبقى لعمل المحامي سبيل غير اتباع طرق الفساد واقتناص المغانم والسمسرة والالتفاف على مصلحة من ائتمنه على حقوقه، يُطبِق الفساد الخناق على أي عدالة ممكنة وتضيع الحقوق.
عندما يُغتصَب "حق التقاضي" ويُمحَى "حق الدفاع" بالكامل، ويحلّ محلهما القمع والإرهاب وفبركة التهم و"التزوير القضائي"، لا يُترك للمظلوم سوى سبيل "الدفاع عن النفس باللحم الحي" فتسود شريعة الغاب مقدّمة لانهيار المجتمع.
عندما يقتصر كشف ومكافحة الفساد واستعادة الحقوق على مجرّد شعارات واستعراض ولغو وابتعاد عن أي تعرّض أو توقيف أو جهد أو مواجهة، تتحوّل مجموعات وجمعيات واتحادات ولجان المطالبة بالحقوق إلى مقابر فولكلورية لها تعزّز انقسام وتشرذم أصحابها، فيصبحون لقمة سائغة لكبار الفاسدين لضرب أية جهود جدّية ولعزل القائمين بها، فما بالك إن حصل ذلك بتواطؤ واشتراك قضاء فاسد يتولى حماية كبار المجرمين والتنكيل بكل من يلاحقهم.
عندما ينطبق كل ما ورد آنفاً على بلدنا لبنان، وسط خضوع وسكوت وتعتيم وصمت مطبق لا يبقى معه للحق من نصير وللعدل من مبتغى، لا يعد يجدي التعويل على قضاء هذا البلد ولا الرجوع إلى قضاته، اللهم إلا في ما يمكن أن يهدد حق متداعٍ بالسقوط بسبب إجراء أو مهلة محددة، عسى أن تتبدل الحال أمام صاحب الحق هذا في المستقبل.
وعليه، يعلن تحالف متحدون عن نعيه وبكل أسف لـ "القضاء اللبناني" الحالي وعن مقاطعته للجلسات لديه، باستثناء ما يتعلّق بحفظ الحقوق كما ورد أعلاه. كما ويعلن التحالف، المتمسّك أساساً وبقوة بقضاء وطني نزيه يصون الحقوق ويضمن تطبيق العدالة، وبكل أسى عن متابعة محاميه لخطوات "ربط الاختصاص" مع أي قضاء أجنبي يساهم في إعادة الحقوق لأصحابها وفي مقدمتهم المودعين المظلومين.
كذلك وأمام السقوط المريع لقضاء لبنان وللعدالة والمساواة بين اللبنانيين، لم يعد بد من تظافر الجهود دون أي تلكؤ إضافي، ومن انخراط المواطنين في ثورة وطنية حقّة حرّة نقيّة لإنقاذ بلدهم وحياتهم ومستقبل أبنائهم.
ثورة تبدأ على القضاء الفاسد أولاً وتطرد اللصوص وحماتهم وتعيد الدم النظيف إلى شرايين الوطن، قد تبدو بعيدة للبعض، لكنها قريبة وقريبة جداً للبعض الآخر فيما لو أحسن التمييز بين الحقيقة والضلال وبين الصالح والطالح، ثم الورود إلى ما فيه خلاص لبنان بشيء من الاتحاد والتعاضد.
الأكثر قراءة