17 تشرين
ها نحن نودّع عاماً ونستقبل آخر. نودّع عاماً مليئاً بالمآسي شهد رحيل شركاء لنا في الوطن، لبنانيين أهلاً أو رفاقاً أو أحبّة أو مواطنين. عاماً لوّنته غزارة الدماء بالأحمر القاني واستحالت فيه ضِيع من بلدنا ركاماً، بعد أن عاثت الحرب فيه دماراً وحوّلت سكانه إلى نازحين أو مهجّرين أو مشرّدين، تائهين في سجن كبير أشبه بالحظيرة.
نستقبل عاماً ونحن في أسوأ حال. لبنانيون، مقيمون ومغتربون، أقرب إلى سكّان منه إلى شعب، ممزّقين مشتّتين ضالّين، عانوا الأمرّين بسبب انقسامات على أنواعها، استغلّها حكّام هم الأسوأ في الوجود فجلبت شتى أشكال الظلم والأحزان على اللبنانيين.
الآن وبعد أن ولّت سكرة الضياع وبدا كيف تكالبت علينا المظالم، نزلت بساحتنا حقيقة واحدة: ما إلنا إلا بعضنا، وما بحكّ لحمنا إلا أظافرنا. ولأنه مع كل عسرٍ يسراً، هي فرصة شاخصة أمامنا كي ننهض معاً، أو نتعلم النهوض معاً، وكي نصرخ بصوت واحد، شعب واحد، يد واحدة: لبنان يستيقظ. الشعب اللبناني يستيقظ.
ولأننا كذلك ولأننا بقينا بعد أن رحل من رحل، فإن خير ما نفعل هو أن نتذكّرهم، أن نعبر معاً إلى الضوء، أن نتعلّم ونأخذ العبر معاً. أن نضيء الشموع وفاء لهم وحداداً عليهم وإصراراً على وحدتنا وإيذاناً ببدء تحرير بلدنا من فساد وطغيان حكّامه، قبل أن يأخذنا شيء من المرح إلى عام جديد.
لأجل من قضوا، لأجل وحدتنا، لأجلنا ولأجل دموع أطفال وأمهات لبنان، لأجل لبنان فقط، أضِئ شمعة أينما كنت، الثلاثاء ٣١ كانون الأول ٢٠٢٤ الساعة الثامنة مساءً. أو احمل شمعتك إلى ساحة الشهداء في بيروت، ساحة شهداء كل لبنان، شهداء كل الوطن.
الأكثر قراءة