ملفات أخرى
تحالف متحدون رداً على شائعات متداولة:
ألا يكفينا إحباط وتبريرات لكيل التهم للمودعين المظلومين بينما المجرمون ما زالوا طلقاء؟
كما الحال في كل مرّة ينتفض المظلوم على جلاديه ويطالب بحقّه المسلوب، تعلو أصوات "متخصصين" بنظرية المؤامرة لتجعل الأبيض يبدو أسوداً والأسود أبيضاَ، متناسين الوضع المزري الذي نعيشه جميعنا دون استثناء وكأن المظلوم ــ هنا المودع ــ هو من تسبّب به والظالم ــ هنا صاحب المصرف ومن يغطّيه ــ هو المخلّص، ناهيك عن إبداع العديد من أبواق الإعلام وممتهني صناعة الشائعات في استغلال القلق والخوف لدى الناس بهدف خلق رأي عام مضلَّل. والنتيجة: إحباط الناس وإسكات كل مُطالب بحقه وتصويره على أنه أساس المشكلة بينما أساس المشكلة يكمن في أفعال المرتكب الأول الجريمة، وما إفشال "ثورة تشرين" من قبل ومحاولة إفشال "ثورة المودعين" الآن إلا من هذا القبيل.
إن لم تختر الدفاع عن حقوقك وآثرت السكوت والخضوع، فدعم غيرك ممن اختار مواجهة الظالم أو على الأقل التزام الصمت بدل تخوين من يواجه الظلم يبقى أضعف الإيمان.
ليس هذا فحسب، فأسلحة المفتنين المُغرضين، في بلد ممزّق أساساً، هي دوماً جاهزة: تآمر طائفي، استياء مسيحي أو إسلامي، حصانات وخطوط حمراء لحماية الفاسدين بحجج متعددة، إلخ. كما ونعت المودعين بأنهم ليسوا كذلك وبأنهم مثيري شغب أو ما شابه ــ ما دفع بجمعية صرخة المودعين تحدّي أيا كان أن يثبت أن عضواً ولو واحداً مشاركاً بالتحركات ليس بمودع. أما سرقة وإهانة وحتى إبادة شعب بكامله فمسألة فيها نظر!
وعلى قاعدة "إذا ما كبرت كا بتصغر"، فإنه حريّ بالجميع، بدل الوقوع ضحية شائعات لا طائل لها، الاتحاد عبر الالتقاء على الأهداف الأساسية السامية من وراء التحركات والوقوف وراء المودعين الناشطين في المطالبة بحقوقهم ووراء القضاة الذين يتابعون قضاياهم بعدل وجرأة باعتبارهم المدماك الأساس في تمكين القضاء من انتزاع دوره الملحّ جداً في هذا الوقت، وبخاصة في ضوء سطوة أحزاب "الدولة العميقة" على بعض القضاء من خلال ارتهان رؤوس النيابات العامة لها وحمايتهم للمرتكبين من أصحاب المصارف وأعوانهم.
أما طريق الخلاص في قضية المودعين فهي أبسط مما يُشاع: تتبّع حسابات المصارف التي وضعت يدها على أموال المودعين لمعرفة أين هرّبت واستقرت هذه الأموال ومن ثم محاسبة المتورطين تمهيداً لاستعادتها، علماً بأن الأموال موجودة والملاءة متوفرة لدى المصارف وأصحابها في لبنان والخارج حتى مع فرضية إفلاسها، على عكس ما يُشاع. يبقى على المودعين التقدم أصولاً بدعاوى قضائية وتضمينها طلبات الحجز احتياطياً وتنفيذياً على أموال وأصول المصارف وأصحابها حفاظاً على حقوقهم ومنعاً لأي تصرّف بها منهم بالحد الأدنى، بحيث بات واضحاً للجميع كيف أن فئة قليلة من اللبنانيين تستفيد من "هندسات مالية" غير دستورية أو قانونية على حساب الفئة الأكبر التي تعاني إذ لم يبقَ أي سبيل لردع تلك الفئة المستفيدة عن تماديها في استغلال مآسي المودعين وجني أرباح طائلة من ودائعهم إلا بالمواجهة المباشرة وقطع محاولاتها تمرير الوقت على حسابهم.
في المحصّلة وعلى نقيض مما يُشاع، فإن المطلوب حقيقة هو المحافظة على القطاع المصرفي وإعادة الثقة إليه باعتباره دعامة لبنان الاقتصادية واضطلاع المودعين وموطفي المصارف بهذا الدور معاً، لكن من خلال تنقيته من الفئة القليلة المستغِلة ومن الشوائب التي أدخلتها عليه، كون "فاقد الشيء لا يُعطيه" و"الفاسد لا يصلح فساداً". ولذلك فإن الكل مدعوّ للالتفاف حول قضية المودعين، وإن الأحزاب السياسية سيّما أبطال "الكابيتال كونترول" مدعوّة إلى رفع أيديها عن القضاء وإلى الخروج من حالة الإنكار والتوقّف عن استغلال معاناة المودعين وتضليل الرأي العام لخلق حالة من الفوضى لاستمرار ابتزازهم واستغلالهم.
الأكثر قراءة